حسب الاحصاءات التي تطالعنا بها وسائل الاعلام فان عدد العوانس في العالم العربي والاسلامي وصل الى بضعة ملايين، ما يعني ان العوانس أضحوا يشكلون شريحة كبيرة لا يستهان بها من المجتمع .
ومع مرارة هذه الحقيقة وتنامي ظاهرة العنوسة لانجد ما يواكبها من اهتمام لا أقول بقدر حجم المشكلة ولكن ولا أقل بكثير ، فنجد هذه الشريحة مهملة سواء من الناحية المعنوية أو الانسانية أو النفسية وليس لها من الخطاب الاعلامي ولا الدعوي نصيب واسمعوا الى بعض ما تقوله العوانس وتساؤلاتهن المشروعة :
تقول احداهن : اذا لم يتقدم لي احد فهل يعني ذلك انني سألقى الله بنصف ديني ؟؟!
وتقول اخرى : ان المشائخ والعلماء يقولون ان السعادة والامان والطمأنينة والاستقرار لا نجدها الافي ظل الزواج فهل يعني هذا انه قد كتب علي الشقاء واني سأعيش حياتي في سجن مؤبد مع الاشغال الشاقة؟؟
وتتساءل ثالثة فتقول: انا عانس هل يعني ذلك اني عضو معطل وغير فاعل في المجتمع ماذا افعل أأنتحر ام أخرج الى الشارع اطلب زوجا؟!
ورابعه تقول: خطاب المشائخ والدعاة كله موجه للمتزوجين والمطلقين والعازفين عن الزواج ولم نجد شيخاً واحداً او داعية يخاطبنا ، بلاشك ان هناك تقصير كبير من جهة الجميع بحق العوانس .
هذه مقدمة لموضوع يتعامى عنه المجتمع لعدة أسباب ألخصها بالتالي :
1- منع الحرج في تناول الموضوع من الناحية الواقعية حرصا على مشاعر العوانس .
2 - مساعدة بعض التجمعات والهيئات النسوية في التكتم على الظاهرة لحرصهن على اظهار المرأة بمظهر القوي الذي لا يعيقه اقتران الرجل به عن القيام بدوره كاملا دون عقد نفسية .
3- الخوف من بعض الحلول التي قد تساق لحل آثار وأسباب تلك الظاهرة (كطرح التعدد كبديل ناجع مثلا ..) .
العنوسة لغة : يقال عنست المرأة فهي عانس ،إذا كبرت وعجزت في بيت أبويها.
وقال الجوهري : عنست الجارية تعنس إذا طال مكثها في منزل أهلها بعد إدراكها حتى خرجت من عداد الأبكار هذا ما لم تتزوج فإن تزوجت مرة فلا يقال عنست .
في هذه التدوينة المتواضعة لن أطرح حلولا مقترحة لمعالجة هذه الظاهرة ولكني سأخوض في نفوس وعقول تلك الفئة المضطهدة من النساء لعلي أجد بؤرة ضوء تنير طريقهن فهن أخواتنا وبناتنا وأقربائنا ، ويكاد لا يخلو بيت منهن الا ما ندر .
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي خطابه المتوازن أسوة حسنة عندما قال يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءه فليتزوج ولم يسكت هنا ولم يغفل عن شريحة أخرى لم تستطع الزواج (رغما عنها لا اختيارا) فوجه إليهم خطابه الشريف قائلاً: ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء.
اسمحن لي ان اقف معكن وقفات عل الله عز وجل ان يجعلها بلسماً وقفات هي عباره عن رسائل نابعه من القلب وبالتأكيد وحتماً ستصل الى القلب .
الرساله الاولى: "لا تصنعي عذابك بنفسك "
هم المستقبل غالباً ما يفقدنا متعة الحاضر بكل ملذاته ونعمه فلا يعود القلب وقد شغله هم الغيب الذي مازال في علم الله تعالى يستشعر نعم الحاضر التي تشمله من قمة راسه وحتى اخمص قدميه حتى اذا ما وصل الى مبتغاه بكل مسئولياته تمنى لوعاد به الزمن الى الوراء ليحيا ما فات من عمره بطريقه افضل فمتى نقضي كل مرحلة من حياتنا ونعيشها دون ان تتخطى حواسنا الدائرة التي تحيا فيها اجسادنا لماذا نصر على ان نعذب انفسنا ونجعل اجسادنا تحيا في مكان وفلوبنا في مكان اخر، ثم نقول ما هذه الحياة الضنكة .
اذا اختي العانس استمتعي بأيام عزوبتك مهما طالت فأن كان المولى قد كتب لك الزواج ستتزوجين في موعد محدد لايعلمه الا هو سبحانه وان لم يكتب لك فما فائدة ان يعذب الانسان نفسه وهل سيجلب له هذا العذاب الزواج اجمعي شتات نفسك وستجدين السعاده عند قدميك .
الرسالة الثانية :" السعادة في الرضا ":
اختاه لوكنتي تؤمنين بالقضاء والقدر ، لو ان الرضا يملىء قلبك لقضيتي فترة العزوبية - وان طالت- بسعادة فالسعادة كل السعادة في الرضا بالقضاء وحرمان الزواج بلاء يبتلي الله عز وجل العبد ايصبر ام يكفر تماما كما يبتلي سبحانه بالفقر والمرض وغير ذلك من الابتلاءات فأصبري واحتسبي واعلمي انما هذه الحياة متاع زائل وان الله هو المقدم وهو المؤخر وله سبحانه في تقديمه وتأخيره حكمة لايعلمها الا هو سبحانه ، فكم من امرأة ابتليت بزوج سكير أو بخيل أو .. أو وتمنت أن لم تتزوج يوما .
فالمقدر سيقع في وقته لا محاله فعلام نضيع فترة الانتظار في الاحتضار تذكري دائماً وابداً لو علمتم الغيب لاخترتم الواقع .
الرسالة الثالثة : "غيري قدرك ":
اذا كان المقدر كالصخرة الراسخة في موقعها فلكل صخرة قوة تزحزحها من مكانها كيف ذلك؟
أقول ان كان الزواج قد كُتب لكل شاب وفتاة في سن محدد قد عينه الله سبحانه في علم الغيب عنده ، تذكري ايضاً ان الله قد ترك لكل عبد من عباده فرصة لتغيير قدره بيده قال صلى الله عليه وسلم :لا يرد القضاء الا الدعاء ،وقال صلى الله عليه وسلم: ان القضاء ينزل من السماء والدعاء يرتفع من الارض فيتصارعان بين السماء والارض فأيهما كان الاقوى غلب .
اذا اليد التي ستوضع على الخد حري بها ان تعمل لتأمين مستقبلها نهارا ،و ترتفع الى السماء بقوة واصرار لتزحزح بقوة الطلب صخرة المقدور الثابت .
روي ان امراة جاءت الى موسى عليه السلام وقالت له : يانبي الله ادع الله لي ان يرزقني بطفل فلما سأل موسى عليه السلام ربه ان يرزقها الولد قال الله عز وجل: يا موسى اني قد كتبتها عقيم ، ومرت سنوات ثم التقى موسى بتلك المرأة وبين يديها طفل تحمله فسألها موسى: ما يكون لك هذا ؟ قالت: انه ابني فعاد موسى الى ربه يسأله قال : يارب أوليس كنت قد كتبتها عقيما ، قال: يا موسى اني كلما كتبتها عقيم قالت يا رحيم ،أختاه لا تقولي عندي يارب هم كبير ولكن قولي يا هم عندي رب كبير،وتذكري دوما : يستجاب للعبد ما لم يستعجل .
الرسالة الرابعة :" ليكن لك هدف" :
اختاه اربطي حياتك بهدف وسخري قدراتك لأجله وارتقي بنفسك دون ان تربطي شخصيتك بلجام شخص اخر فتكوني كالبقرة التي تدور حول الساقية في دائرة مفرغة لا يعرف لها بداية من نهاية وتذكري الغاية الاسمى من خلق الانسان الا وهي عبادة الله عز وجل والتعرف عليه سبحانه ، ولم يربط هذه العباده وهذه الغاية بزواج او بسواه ،قال تعالى"وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون"ولم يقل ليتزوجون .
اختاه استشعري نعم الله عليك لترزقي القناعة والرضا بواقع الحياة الحاضرة فكم من نعمة تحيين بها لا تقدرين نعمتها واهملتي شكرها اوليس الله يقول:"ولئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد" ،اذا ًاذا اردتي زيادة النعم من الله بالاستقرار وبناء بيت خاص بك فاشكريه اولاً على ما اوجب عليك من نعم حاضرة والا فتوقف المنة من الله عليك لن يلام عليها سواك ، " ان العبد ليذنب الذنب فيحرم رزقاً قد كان هيىء له" .
اختاه الزواج سنة لاخلاف في ذلك وهو استقلالية وعالم خاص ولكن اقول الاستقلالية الحقيقية تبدأ من استقلالية الشخصيه نفسها بنفسها والسعادة الحقيقية تنبع من الداخل فلا تجعلي هذه الشخصية مرهونة بوجود زوج ان لم يأت في سن مبكرة بدات ازهار هذه الشخصية تذبل وتضمر وتختفي معالم الازدهار منها يوماً بعد يوم كوني انتِ انتِ الى كل عقل واعي "ليست السعاده محصوره في الزواج ولا العنوسة تعني الشقاء" .
القلب المربوط بخالقه يرى السعادة ويعيشها دون اعتبار لمعايير السن اوالحالة الاجتماعية او المادية والقلب المتخبط سيعيش الشقاء وان ركعت له الدنيا بكل ملذاتها وزينتها .
الرسالة الخامسة :"لا تجعلي شبح العنوسة ورقة ضغط عليك":
لاحظت أن بعض الفتيات وتحت تأثير ضغط السن ، يتخذون قرارات متسرعة ، ويلغين ابسط طموحاتهن في سبيل الوصول الى لقب "زوجة " ولكن دون مرتبة الشرف ، احذري من أن تجرفك الألقاب فتحصدي الندامة فأنت أنت تذكــــري " أنت أنت" .
إرسال تعليق