غالب البنا
- قبحك الله -

أكتب هذه السطور ونحن على بعد سويعات من الموعد الذي حدده القس الأمريكي ( تيري جونز) لحرق نسخ من القرآن الكريم أمام عدسات التلفزة ، ولم يكن هاجسي الأول أن يقوم هذا القس بفعلته الشنيعة تلك لسببين : أولهما أن أمريكا الرسمية قامت قبل ذلك وعبر جنودها بتدنيس المصحف الشريف بوسائل شتى في افغانستان وغيرها ، وبرأيي فان الحرق أهون علينا من التدنيس حتى لو كان منقولا نقلا حيا عبر شبكات التلفزة العالمية ، وثانيهما أن رب الأرباب يعرف أن هذا الفرقان انما هو كلامه ونوره وهدايته ، وكما قال عبد المطلب حين راح يطلب ابله المغصوبة من أبرهة الأشرم فتعجب أبرهة من صنيعة وقال أألأبل أهم عندك أم البيت ؟ فأجاب عبد المطلب : أنا رب الابل ، وللبيت رب يحميه ، نقولها نحن اليوم في لحظة ضعف دعونا نرتل القرآن فان له رب يحميه .

الأمة الضعيفة كل شيء فيها مستباح حتى دينها وكتابها ونبيها فلا عجب أن يتجرأ صعاليك الهيبز ورعاة البقر المتمدنين على عقائدنا ومقدساتنا .

أما الذي أثار حفيظتي أكثر من الفعلة ذاتها - على بشاعتها - فهو ردود الأفعال المتناثرة هنا وهناك وسأنقل بعضها :

ردود أفعال الدول العربية والاسلامية جاءت هزيلة هزالة مسئوليها الذين ذكرتني تصريحاتهم الخجولة بما قاله جرير للفرزدق :

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا ==== أبشربطول سلامة يا مربع

فلا يمكن لأحد ما أن يدافع عن قضية هو نفسه لا يتبناها ، فماذا لو أن أحدهم قرر أن يحرق مرسوما رئاسيا أو قرارا ملكيا أمام وسائل الاعلام ، فلا أعتقد أن بلاد ما وراء الشمس ستتحمل الضغوط التي تجعلها تقبل به منفيا لديها ، لأنه كلام من لا ينطق عن الهوى - جل نبينا وعلا علوا كبيرا - .

باختصار من لا يملك القوة لا يملك حرف النهي "لا" ، ولو تم ما أراد هذا القس اللعين فأسأل الله بعظيم قدرته ألا تصيب نيران الحقد الصليبي الآية رقم (60) من سورة الأنفال لتبقى تذكرة لمن يخشى أو ألقى السمع وهو شهيد ، ونبراسا لأجيالنا القادمة تنير لهم بصائر الهدى ودروب الحق والاصلاح والريادة : ﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾.

يجب أن نخلق جبلا ترهيبيا لا ارهابيا ، جيلا يعرف أن (لا) التي ارتضاها المجتمع الدولي والأممي عبر ماسمي تمويها بالفيتو ، حكر على الأقوياء فقط ، ولتدمغ على جباه جيلنا وصمة العار الثانية التي عجزنا حكاما ومحكومين عن التصدي لها ، وسنسأل أمام الله نحن "جيل الصفعتين" أن نبينا أهين وأن كتابنا استبيح على مرأى ومسمع من عيوننا التي أثخنها الرقاد وآذاننا التي أصمتها صرخات الناعقين .

أما ردود الأفعال الغربية فقد جاءت دبلوماسية لبقة فقال توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق : "يؤسفني حرق القرآن !! " ، أما أوباما رئيس الولا يات المتحدة فقد كان أكثر صراحة حين قال : " احراق المصاحف سيعرض قواتنا للخطر في باكستان وأفغانستان !!" فما يقلق السيد أوباما ليس الاعتداء على حرية العقائد ولا نشر الكراهية بين الاديان ، ويتركز جل تخوفه على جنوده هناك في بلاد السند ، ومن القاعدة ومناصريها بينما لم تشكل كل الدول العربية مجتمعة أية ورقة ضغط تستحق أن يعلن تخوفه منها ، فلقد وصل الغرب الى قناعة أن العرب لا يملكون من أنفسهم شيئا وأنهم الخاصرة الأضعف ، أما بلير فيؤسفه حرق القرآن تخيلوا (يأسفه) ، بينما تحرك هو وساركوزي وزوجتيهما والمجتمع المدني قبل ايام وفتحت صفحات الفيسبوك بالمئات للتنديد بحكم رجم الزانية الايرانية - بأس القسمة الضيزى تلك -..

اللهم بحق رمضان الذي تسلمته منا الليلة ، لا نسألك أن ترسل عليهم طيرا أبابيل ولا حجارة من سجيل ، اللهم انما نسألك أن تردنا الى دينك وقرآنك ردا جميلا ، وأن تجعل هذا القرآن ربيع قلوبنا ، وأن تغفر لنا تقصيرنا وضعف حيلتنا في الزود عن كلامك المبين ، اللهم لقد قلت : انا انزلناه قرآنا عربيا ، اللهم فكما أنزلته بلساننا ، اغفر لنا تقاعس أيادينا عن الذب عنه انك ولي ذلك والقادر عليه ، والحمد لله رب العالمين .
0 تعليقات

إرسال تعليق

Print

Add to FacebookAdd to DiggAdd to Del.icio.usAdd to StumbleuponAdd to RedditAdd to BlinklistAdd to TwitterAdd to TechnoratiAdd to Yahoo BuzzAdd to Newsvine

بلدان زوار المدونة

free counters