أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له
( ما من مسلم يقول لا إله إلا الله إلا فُتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى عرش الرحمن ؛ فيقول لها : اسكني يا لا إله إلا الله ، فتقول: وعزتك لا أسكن حتى تغفر لقائلي، فيقول لها: وعزتي وجلالي ما أجريتها على لسانه إلا وقد غفرت له ).
سبحان من عنت الوجوه لوجهه ***** وله سجود أوجه وجبــــــــاه
رب رحـــــــــيم مشفق متعطّف ***** لا ينتهي بالحصر ما أعطــاه
سل عنه ذرات الوجود فإنهـــــا ***** تدعوه معبوداً لها ربـــــــــاه
وأشهد أن سيدنا ونبينا وحبيبنا محمداً رسول الله ( خلق الله في الجنة ثمرة لم يخلق مثلها قبلها؛ ولن يخلق بعدها مثلها، وقال: هذه لمن يكثر من الصلاة على حبيبي محمد) .
سيدي رسول الله:
سيدي رسول الله:
شوقي يزيد إليك يا خير الورى ***** يا مصطفى يا خير من وطئ الثرى
يا مصطفى لك في القلوب منازل ***** وعلى لساني مدح غيرك مــا جرى
أوصيكم ونفسي بتقوى الله وتعظيمه وأحثكم على طاعته و أحذركم وبال عصيانه ومخالفة أمره واستفتح بالذي هو خير فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴿7﴾ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴿8﴾.
فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن حصين بن عبد الرحمن قال : كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة ؟ فقلت: أنا ، ثم قلت : أما إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت ، قال : فما صنعت ؟ قلت : ارتقيت.
قال : فما حملك على ذلك ؟ قلت :حديث حدثناه الشعبي قال : وما حدثكم؟ قلت : حدثنا عن بريدة بن الحصيب أنه قال : لا رقية إلا من عين أو حمة .
قال : قد أحسن من انتهى إلى ما سمع ، ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي أنه قال : عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد ، إذ رفع لي سواد عظيم ، فظننت أنهم أمتي فقيل لي هذا موسى وقومه فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ، ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك فقال بعضهم : فلعلهم الذين صحبوا رسول الله ، وقال بعضهم : فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا ، وذكروا أشياء.
فخرج عليهم رسول الله فأخبروه فقال : هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون .
فقام عكاشة بن محصن فقال : ادع الله أن يجعلني منهم قال أنت منهم ، ثم قام رجل آخر فقال : ادع الله أن يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة.
ياله من حديث عظيم تجاذبه العلماء بالبيان والإيضاح ، بل تسابق إلى ما فيه أهل النفوس الزكية والهمم العلية سعيا لتحقيق موعوده.
فهيا نخوض في بحار معانيه وأنهار سواقيه لعل الله أن يلحقنا بالسبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.
ما هي حقيقة التوحيد؟ وما كيفية تحقيقها ؟ وما صفات المحققين للتوحيد ؟ هل تحقيق التوحيد مجرد ادعاء باللسان أم أنه حقيقة قلبية تنعكس آثارها على الأقوال والأعمال والجوارح؟
يقول الحسن : ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلب وصدقته الجوارح بالعمل.
ويقول الله تبارك وتعالى : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴿8﴾سورة البقرة ويقول وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴿106﴾ سورة يوسف ويقول قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿14﴾سورة الحجرات .
لذا فإن السلف الصالح خافوا على أنفسهم خوفا عظيما ألا تتوافق بواطنهم مع ظواهرهم ، وأقوالهم مع أفعالهم ، وبداياتهم مع خواتيم أعمالهم. يقول ابن أبي مليكة : أدركت ثلاثين من أصحاب النبي كلهم يخاف النفاق على نفسه .
وهذا الفاروق عمر بن الخطاب يسأل حذيفة بن اليمان : هل عدني النبي من المنافقين.
وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت ، وما أسلمت بعد إسلاما جيدا.
ويقول يوسف بن الحسين أعز شيء في الدنيا الإخلاص وكم أجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي وكأنه ينبت على لون آخر .
إن التوحيد له شأن عظيم وتحقيقه أعظم شأنا.
يقول شيخ الإسلام : التوحيد هو أصل الدين الذي لا يقبل الله من الأولين والآخرين دينا غيره وبه أرسل الله الرسل وأنزل الكتب .
يقول ابن القيم : التوحيد هو الغاية المطلوبة من جميع المقامات والأعمال والأحوال فغايتها كلها التوحيد وإنما كلام العلماء والمحققين من أهل السلوك كله لقصد تصحيحه ، ويقول اعلم أن أشعة لا إله إلا الله تبدد من ضباب الذنوب وغيومها بقدر قوة ذلك الشعاع وضعفه فلها نور وتفاوت أهلها في ذلك النور قوة وضعفا لا يحصيه إلا الله فمن الناس من نور هذه الكلمة في قلبه كالشمس ، ومنهم من نورها في قلبه كالكوكب الدري ، ومنهم من نورها في قلبه كالمشعل العظيم وآخر كالسراج الضعيف ، ولهذا تظهر الأنوار يوم القيامة بأيمانهم وبين أيديهم على هذا المقدار بحسب ما في قلوبهم من نور هذه الكلمة علما وعملا ومعرفة وحالا وكلما عظم نور هذه الكلمة واشتد أحرق من الشبهات والشهوات بحسب قوته وشدته ، حتى إنه ربما وصل إلى حال لا يصادف معها شبهة ولا شهوة ولا ذنبا إلا أحرقه .
وهذا حال الصادق في توحيده الذي لم يشرك بالله شيئا. فأي ذنب أو شهوة أو شبهة دنت من هذا النور أحرقها فسماء إيمانه حرست بالنجوم من كل سارق لحسناته ، فلا ينال منها السارق إلا على غرّة وغفلة لابد منها للبشر ، فإذا استيقظ وعلم ما سرق منه استنقذه من سارقه أو حصل أضعافه بكسبه فهو هكذا أبدا مع لصوص الجن والإنس ليس كمن فتح خزانته وولى الباب ظهره .
وتحقيق التوحيد لا يكون إلا بأمور ثلاثة :
العلم : فلا يمكن أن تحقق شيئا قبل أن تعلمه (( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ﴿19﴾ سورة محمد )) .
الاعتقاد : فإذا علمت ولم تعتقد واستكبرت لم تحقق التوحيد ، قال الله عن الكافرين(( أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴿5﴾ فما اعتقدوا انفراد الله بالألوهية .
الانقياد : فإذا علمت واعتقدت ولم تنقد لم تحقق التوحيد قال تعالى (( إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ﴿35﴾ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ ﴿36﴾) سورة الصافات .
فإذا حصل هذا وحقق التوحيد فإن الجنة مضمونة له بغير حساب ، فاللهم إنا نسألك تحقيق التوحيد في القلوب وانقياد الجوارح لذلك وأن تحشرنا مع السبعين الألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب..
فإذا حصل هذا وحقق التوحيد فإن الجنة مضمونة له بغير حساب ، فاللهم إنا نسألك تحقيق التوحيد في القلوب وانقياد الجوارح لذلك وأن تحشرنا مع السبعين الألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب..
إرسال تعليق